الأربعاء، مايو 14، 2008

المرأة العاملة .. الجزء الثاني

صباح الخير يا اخواتنا .. شوفو انتو عندكن الساعة كام دلوقت وحولوها حسب فروق التوقيت .. انا بالنسبة لي صباح الخير ولسه يادوبك صاحي من النوم .. بس الحمد لله غسلت وشي وفطرت كمان .. ماهو انا مش موظف زي الست ام شيرين مرات سي السيد اللي بتصحى والديك بيدن كوكو كوكو في الفجرية ، مش عشان تعجن لا سمح الله .. لا ده كان زمان .. ايام ستي وستك .. النهارده الحمد لله في مخابز بتبيع العيش جاهز .. يعني الستات ارتاحو من دوشة العجين وهدة حيله ، وكمان من الخبيز ونار الفرن وبهدلته .. وبقت الست معززه مكرمه مرتاحة على الاخر .. طبعا مع توفر الاختراعات الحديثة اللي كلكن عارفينها من التلاجه والبوتجاز للكوفي مشين .. تحمد الست ربنا وتشكر فضله وتهدا وتكن بأه ؟؟ ازاي !! وحريتها ومساوتها تسيبها لمين .. وهدى شعراوي الست الكبارة صاحبة الدعوة النبيلة لتحرير المرأة تموت فطيس يعني من غير هدف ولا ايه !! .. تقوم الست تصر على انها تشتغل زيها زي الراجل .. يقوم الراجل بصفته اكثر خبثا من المرأة في كثير من الاحيان يستغل الرغبة دي عند المراة ويحولها الى ضرورة قصوى والى حاجة اساسية لايمكن للاسرة انها تعيش حياة كريمة من غيرها .. وبكدة يا ستات يا حلوين وقعت المرأة في الفخ .. وعادت عن طريق العمل الى عبودية الرجل من جديد .. راجل مستعبدها في الشغل ، الا فيما ندر عندما تكون رئيستها في العمل امرأة وفي الحالة دي بتكون عبوديتها اكبر واشد قسوة وايلاما .. وراجل تاني .. ايوه سي السيد بعينه .. مستعبدها في البيت .. ازاي ؟ اقولكو ازاي .. بس ياريت اللي لم يقرأ الجزء الاول يرجع يقراه عشان يستوعب الجزء التاني ده كويس . وايضا ارجع والفت الانتباه الا انني لا اقصد نقد المرأة او لومها بما اكتب ، وانما احاول ان الفت الانتباه الى ما قد يكون فاتها عندما وقعت في شرك العمل واصبحت الست الجارية العاملة .. نتوكل على الله ونبدأ استئناف الموضوع من غير زعل انشاء الله ...

يلقي سي السيد الست ام شيرين زوجته على باب المؤسسة التي تعمل بها كما يلقي كيس مهملات ويندفع في طريقه الى عمله من جديد والشر بيطق من عينية .. اصله الست ام شيرين اخرته .. معلش الفولت بتاعها كان واطي النهارده وطاقتها الانتاجية لم تكن في عنفوانها .. تدخل ام شيرين الى المؤسسة وتتصنع ابتسامة لا لون ولا طعم لها علها تغري المسئول عن سجل توقيع الموظفين حضورا وانصرافا يغض الطرف عن تاخرها بطريقته الخاصة .. تصل الى مكتبها فينظر اليها رئيسها في العمل نظرة اعتادت ان تفهم معناها .. ويزفر زفرة تسمعها بكل حواسها ، وتكاد يلفحها لهيبها وهو يقول .. مفيش فايدة .. وهي ولا كأنها سمعت حاجه .. رائحة الفول والطعمية تنبعث من الغرفة المجاورة .. تتذكر انها لم تتناول الافطار بعد .. تتبع الرائحة كما يتبع الفأر جيري رائحة الجبن الى مصدرها في افلام الرسوم المتحركة .. يهتف الزملاء والزميلات عندما يروها .. اتفضلي ، بسم الله .. ويستمرو في عملية الوهم المتبدد والموجهة اصلا الى مقولة اللقمة الهنية بتكفي ميه .. هو معرفش في انهي زمن كان ده ، بس هي على اي حال مجاملة والسلام .. الست ام شيرين العاملة تفلت ببضع لقيمات يقمن اودها الى حين العودة الى البيت .. قال يعني الخروف المحشي مستنيها في البيت .. تمضي الست ام شيرين الى روتين عملها اليوم .. اوامر متلاحقة من السيد المدير .. مضايقات لا تنتهي من الجمهور واحيانا من الزملاء .. وايضا بعض الغزل والتحرش الذي يصل الى حد السماجة احيانا .. ومعلش يا بت استحملي .. اكل العيش عايز كده .. يدق جرس هاتفها المحمول .. هو مش جرس بصراحه بس جرت العاده اللغوية على تسميته جرس .. الادق هو ، يغني هاتفها المحمول فترد من فورها على سي السيد وقد عرفت رنته بالطبع .. يقول بطريقة استفزازية ساخره .. الكفتة اللي عملتيها للغداء بالطحينة ولا بالطماطم .. تكتم ام شيرين غيظها وترد بهدوء .. يا حبيبي ما انت عارف اني امبارح بالليل ما لحقتش اعمل حاجه .. يادوبك غسلت وكويت بعد ما درست العيال ونضفت المطبخ ، وعلى ما حضرت جدول المدرسة ورتبت الشنط كنت خلاص استويت ونمت مكاني .. يقاطعها سي السيد قائلا .. مفهوم مفهوم .. حفظنا الدرس من زمان .. يعني اجيب معايا حاجه جاهزه للغدا ولا علب السردين والتونه ماليه البيت .. بنفس الهدوء تجيبه .. اللي انت عايزه يا حبيبي بس ارجوك انا عندي شغل ومش لاحقة .. يقول بغضب وهو ينهي المكالمة .. طيب ياوزيرة اللي هو .. ادي اللي احنا ماخدينه من شغلك ..
تبتلع ام شيرين الاهانة وتواصل العوم تحت اكداس الملفات التي يجب الانتهاء منها اليوم .. يمضي يوم عملها كبقية الايام .. نفس المنغصات ونفس المعوقات ونفس الرتابة وهدة الحيل كمان .. ينتزعها من غياهب الاستغراق في العمل غناء هاتفها النقال من جديد .. يا الله .. انه هو .. كم الساعة الان .. يبدو انني نسيت نفسي .. تفتح الهاتف في اضطراب وتقول فيما يشبه التوسل والرجاء .. معلش يا حبيبي الشغل كبس علي ، انا نازله حالا .. ما ان تصعد الى السيارة حتى يبدأ موشح انا في انتظارك مليت ويضيف عليه سي السيد هذه المرة صب جام غضبه ولعناته على اليوم اللي سمح لها فيه بالعمل .. وتهديد بان يكون هذا الشهر هو خاتمة الاحزان .. اقصد خاتمة تاريخها النضالي في العمل .. تتشاغل ام شيرين عنه بمداعبة الاولاد والسؤال عن كيف كان يومهما المدرسي .. يستمر الموشح مسافة لابأس بها من الطريق ثم يسود صمت مطبق لا تقطعه سوى زفرات سي السيد التي تعبر عن ماهو واقع تحت نيره من ظلم شديد وعدم استمتاع بالحياة .. ولا حتى لقمة هنية .. او اي لقمة والسلام بس تكون سخنه وطرية ..
في البيت تلقي ام شيرين بحقيبتها حيثما اتفق وتهرع الى المطبخ تخرج علب السردين وتسخن الخبز وتعد وليمة الغداء فسي السيد لم يسمح وقته بشراء طعام جاهز .. سي السيد يدخل مباشرة الى الحمام ليزيل عن بدنه وعثاء الطريق والعمل في ذلك اليوم المكفهر القائظ الحر .. شيرين واحمد في غرفتهما يحاولان تبديل ملابسهما . . الغداء يصبح جاهزا وسي السيد منتعش تماما بعد الدش الساقع الذي تنعم به .. يجلس الى المائدة بينما تبدل ام شيرين للاولاد ملابسهما وتحضرهما معها لتناول الغداء .. ما ان تجلس الى المائدة وتمد يدها الى الطعام حتى يبدأ سي السيد موشح ظلموه .. يعني الواحد لو اضطر يعمل عملية في بطنه الدكتور لازم يلبس بدلة غوص .. اصله حيلاقي نفسه فجأة في بركة سمك سردين .. انا مش عارف الرجاله بتتجوز ليه .. ولا يمكن مش كلهم زيي .. اكيد في منهم بيعرفو يعني ايه طبيخ وشوربة ومحمر ومشمر والحاجات دي يعني اللي كنا بنسمع عنها ايام الستات اللي كنت محترمه نفسها وقاعدة في بيوتها تشوف شغل بيتها ومصالح عيالها وجوزها .. الى هنا وانقطع الاستقبال عند الست ام شيرين .. طفح الكيل .. القت باللقمة التي في يدها وهبت واقفه وهي ترغي وتزبد .. واللهي العظيم ما انا واكله .. هو كل يوم سمة بدن بالشكل ده .. يعني الحق علي اللي بشتغل وبطفح الكوتة عشان اساعدك في المصاريف .. قاطعها صائحا .. حيلك حيلك .. تساعدي مين .. هو انا اشتكيتلك .. طب ايه رايك ما نتيش رايحه الشغل من بكره .. دنتي اصلا اللي بتكسبيه من الشغل بيروح على لبسك ومكياجك يا هانم .. حمي الوطيس فانسحب احمد وخلفه شيرين الى غرفتهما واغلقا الباب ليتركا حلبة الصراع خالية الا من المتصارعين .. لم تشأ ام شيرين ان تصعد الموقف وذلك من واقع خبرتها الطويلة في مثل هذه المواقف .. وكالعادة حطت همها في تنظيف البيت .. بدأت برفع الاطباق عن المائدة حتى وسي السيد لم ينته من طعامه بعد ، ما دفعه الى القاء ما بيده من خبز على الطاولة بعنف والانصراف الى سريره يتمدد عليه كعادته بعد الغداء يشاهد التلفاز استعدادا لنومة القيلولة .. اما الست ام شيرين فقد بدأت برنامجا تحفظه عن ظهر قلب .. تنظيف المطبخ .. لا ليس تنظيف المطبخ بل تجميع الاواني والاطباق في الحوض تمهيدا لتنظيفها فيما بعد .. والانتقال الى الحمام مع شيرين واحمد لياخذ كل منهما دش كل يوم .. ومن ثم العودة الى المطبخ ومنه الى بقية ارجاء المنزل .. وهكذا دواليك ..
وللحديث بقية ....

ليست هناك تعليقات: